كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 4)

وَمِنْهَا: لَوْ وَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ شَيْئًا. فَبَاعَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَمْتَنِعُ رُجُوعُ الْأَبِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ: فِيهِ وَجْهَانِ. أَطْلَقَهُمَا فِي الْفَوَائِدِ.
وَيَأْتِي هَذَا هُنَاكَ. وَكَذَا حُكْمُ الْمُفْلِسِ إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ وَوَجَدَهَا بَائِعُهَا عِنْدَهُ.
وَيَأْتِي هَذَا فِي بَابِ الْحَجْرِ.

وَمِنْهَا: لَوْ بَاعَ أَمَةً، ثُمَّ أَقَالَهُ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ: يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى الثَّانِيَةِ. وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِيهَا رِوَايَتَانِ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَابْنِ بُخْتَانَ: وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ مُطْلَقًا. وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَهُوَ مُخْتَارُ الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، إنَاطَةً بِالْمِلْكِ، وَاحْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ.
وَنَصَّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنَّ الْإِقَالَةَ إنْ كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالتَّعَرُّفِ: وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ.
كَذَلِكَ حَكَى الرِّوَايَةَ الْقَاضِي، وَأَبُو مُحَمَّدٍ، فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي.
وَكَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ لَمْ يَنْظُرْ إلَى انْتِقَالِ الْمِلْكِ. إنَّمَا نَظَرَ لِلِاحْتِيَاطِ.
قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْ الْمَجْدِ. حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ قَيْدَ التَّفَرُّقِ مَعَ وُجُودِهِ. وَتَصْرِيحِ الْإِمَامِ بِهِ. لَكِنَّهُ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِقَيْدٍ لَا بَأْسَ بِهِ. وَهُوَ بِنَاؤُهَا عَلَى الْقَوْلِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ فِي بَيْعِ خِيَارٍ وَقُلْنَا: لَمْ يَنْتَقِلْ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَجِبُ. وَإِنْ وُجِدَ الْقَبْضُ.
وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْمَجْدُ أَيْضًا الْقَبْضَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَهَا امْرَأَةً. بَلْ حَكَى فِيهِ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَ. وَخَالَفَ أَبَا مُحَمَّدٍ فِي تَصْرِيحِهِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ كَالرَّجُلِ.

الصفحة 479