كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

على الله، ومراعاة أوامره ونواهيه، كما هو معلوم لا يخفى. وهذا معنى قوله: {يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ}.
{أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ} أظهر الأقوال في هذه الآية الكريمة: أن الله لمّا ذكر أنهم يكفرون به، ويتمردون ويعارضون رسله، وأنهم مع ذلك يزعمون أن الذي يصيبهم [إنما هو بسبب شؤم نبيهم موسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين، فأكذبهم] (¬1) الله {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ} أي: الطائر المشؤوم التي جاءتهم البلايا منه عند ربهم وذلك إنما جاءهم بسبب كفرهم بالله ومعصيتهم لله؛ لأن الكفر بالله ومعصية الله هو الطائر المشؤوم الذي يأتي صاحبه بسببه كل سوء ومكروه في الدنيا والآخرة. وقال بعض العلماء: طائرهم وحظهم عند الله هو الذي يأتيهم بالخير ويأتيهم بالشر، وليس ما جاءهم من قِبلنا {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} لا يعلمون أن ذلك هو الحق فيكذبون على الله ويَتَقَوَّلُونَ عَلَى موسى ومَنْ مَعَهُ أن ما أصابهم بسبب شؤمهم. وهذا معنى قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: آية 131].
{وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (133)} [الأعراف: الآيتان 132، 133].
{وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132)} [الأعراف: آية 132].
¬_________
(¬1) في هذا الموضع انقطع التسجيل، وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.

الصفحة 109