كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

( ... ) (¬1) و (ما) الثانية مؤكدة لها تأكيدًا لها؛ لأن تكريرها يفيدها تأكيدًا، وأصلها: ما ما بتكرير لفظة (ما) وأنهم استثقلوا توالي حرفين متجانسين فأبدلوا ألف (ما) الأولى هاء، وقالوا: (مهما) هذا قول الخليل واختيار جلّ البصريين.
وقال جماعة آخرون: إن (مهما) أصلها: (مه) التي هي اسم فعل بمعنى: اكفف، وأن (ما) الأخرى هي (ما) التي تُعلِّق الشرط بالجزاء، والمعنى: اكفف. اكفف يا موسى ما تأتينا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين؛ أي: كف عنا مجيئك بالآيات، ما تأتينا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين.
وعلى هذين القولين فأصل (ما) مركبة لا بسيطة.
وقال جمهور علماء العربية: إن (مهما) أصلها حرف بسيط وَضَعَتْهُ العَرَبُ هذا الوضع تُعلِّق به الجزاء على الشَّرْطِ، وهو عند الأصُوليِّينَ من صِيَغِ العُمُومِ، وعمومها من جهة الأحوال والأوضاع. والمعنى: أي شيء تأتينا به كائنًا ما كان من آية. الضمير في قوله: (به) راجع إلى (مهما) وكذلك الضمير المؤنث في قوله: (بها) راجع إلى الآية التي هي مبنية لـ (مهما)، فكلا الضميرين راجع في الحقيقة
¬_________
(¬1) في هذا الموضع ذهب بعض التسجيل كما ترى، ويمكن أن يُستدرك بعضه مما ورد في الدر المصون (5/ 431)، وهو قوله: «واختلف النحويون في (مهما) هل هي بسيطة أم مركبة؟ والقائلون بتركيبها اختلفوا: فمنهم من قال: هي مركبة من ما ما، كُررت (ما) الشرطية توكيدًا فاستثُقل توالي لَفْظَيْنِ فأُبدلت ألف (ما) الأولى هاء. وقيل: زيدت (ما) على (ما) الشرطية كما تُزاد على (إنْ) في قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم} فعُمل العمل المذكور للثقل الحاصل. وهذا قول الخليل ... ».

الصفحة 110