كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

إلى (مهما) إلا أن الضمير المذكر رُوعي به لفظ (مهما) والضمير المؤنث روعي به معنى الآية المبينة لـ (مهما). ومن علامات الاسم عند علماء العربية: رجوع الضمير، فمن علامات أن (مهما) اسم: رجوع الضمير إليها، وقد رجع إليها ضمير مذكر باعتبار اللفظ، وضمير مؤنث باعتبار المعنى، كما جاء ذلك فيها في قول زهير (¬1):
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ ... وَلَوْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ

{تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ} (من) بيانية. والآية بيان لـ (مهما). أي: من شيء تأتينا به مبنيًا كونه آية.
وفي الآية سؤال: كيف أقروا بأنه آية، وزعموا أنه جاء بها ليسحرهم؟
وأُجيب عن هذا: بأن قولهم: {مِن آيَةٍ} أي: بزعمك ودعواك، لا أنهم يُقرون بذلك.
{لِّتَسْحَرَنَا بِهَا} لتصرفنا بها عن ديننا وتخدعنا عما نحن فيه.
{فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} بوجه من الوجوه، ولا بحال من الأحوال، ولو أتيت بما أتيت به من الآيات؛ لأن (مهما) عموم شامل يدل على أنه لو جاء بجميع الآيات لكانوا كما قالوا، فلما تمردوا هذا التمرد العظيم، وعاندوا هذا العناد الكبير، ولجوا هذا اللجاج الشديد، عَاقَبَهُم اللهُ مُعَاقَبَات دنيوية بعضها يتبع بعضًا، قال: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} [الأعراف: آية 133] قد تقرر في فن الأصول
¬_________
(¬1) البيت في معلقته (شرح القصائد المشهورات 1/ 125)، البحر المحيط (4/ 371)، الدر المصون (5/ 432).

الصفحة 111