كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

طريق صحيحة مرفوعة، فجميع طرقه المرفوعة ضعيفة لا تقوم الحجة بشيء منها.
واحتج على المالكية مَنْ خَالَفَهُمْ بأنه جاء من رواية موقوفة على ابن عمر من طريق سليمان بن بلال، وهي طريق صحيحة، وهي موقوفة على ابن عمر، إلا أن لها حكم الرفع؛ لأن طريق سليمان بن بلال صحيحة، وكونها موقوفة على ابن عمر لا يضر؛ لأن لها حكم الرفع، وكل ما هكذا له حكم الرفع؛ لأن من المعلوم أنه لا يُحله إلا هو صلى الله عليه وسلم.
أما المالكية فقالوا: نعم، نحن نعلم طريق سليمان بن بلال هذه، ونعلم أن هذا له حكم الرفع، ولكن كونه له حكم الرفع هذا من صناعة الحديث التي اتفق أهل الحديث عليها، لا من قول الله، ولا من قول رسوله، ونحن يجب علينا أن نتمسك بعموم كلام الله وهو قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: آية 3] وميتة الجراد داخلة في عموم الميتة، فلا ننصرف عن تحريم الله للميتة إلا بدليل جازم يجب الرجوع إليه من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا كلام العلماء فيه، ووجه اختلاف وجهات نظرهم في ذلك، وهو معروف. وجاء في سنن ابن ماجه من حديث أنس وجابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على الجراد وقال: «اللَّهُمَّ أَهْلِكْ كِبَارَهُ، وَاقْتُلْ صِغَارَهُ، وَأَفْسِدْ بَيْضَهُ، وَاقْطَعْ دَابِرَهُ، وَخُذْ بَأَسْرَابِهِ عَنْ مَعَائِشِنَا وَأَرْزَاقِنَا إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ». وأن جابرًا لما سمعه يدعو عليه قال له: كيف تدعو على جند من جند الله؟ وأنه قال له: «هو نثرة حوت» (¬1).
¬_________
(¬1) مضى قريبًا في تفسير هذه الآية.

الصفحة 116