كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

وقال بعض العلماء: القُمَّل: صغار الدَّبَى، والدَّبَى: صغار الجراد قبل أن تنبت له أجنحة.
وكان أبو عبيدة في طائفة من علماء التفسير يقول: القُمَّل هو المعروف بالحمن (¬1)، ويقال له: الحمنان، وهو نوع من القراد صغير، وأن الله ملأ عليهم الأرض منه. وذكر بعضهم: أن موسى جاء لكثيب أعفر (¬2) وضَرَبَهُ بعصاه، فجعله الله قُمَّلاً (¬3). وأنه تكدس عليهم فملأ بيوتهم وآنيتهم وأطعمتهم، وامتص دماءهم تحت ثيابهم حتى بلغوا منه غاية الجهد.
والحاصل أن القُمَّل هنا فيه أقوال متقاربة، بعضهم يقول: هو الحمنان المعروف بالحمن، وهو نوع من القردان صغير، وبعضهم يقول: هو صِغار الدَّبى، والدَّبى: الجراد الصغار قبل أن تنبت له أجنحة، وبعضهم يقول: هو البراغيث (¬4). هذه أقوال فيه لا يُكذب بعضها بعضًا، وعلى كل حال فهو شيء من خلق الله سلَّطه الله عليهم فعذبهم به، وآذاهم إيذاءً كثيرًا، حتى ضجوا وزعموا أنهم يتوبون، فهذا معنى قوله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ} [الأعراف: آية 133] لما عذبهم الْقُمَّل -سواء قُلنا: إنه البراغيث، أو قُلنا: إنه الدَّبى، أو قلنا: إنه سوس الحنطة، أو قلنا: إنه الحمن والحمنان، وقال بعضهم: هو حيوانات تُشبه القُراد الكبير لها ريح
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (13/ 56)، القرطبي (7/ 269).
(¬2) في ابن جرير (13/ 64): «فمضى إلى كثيب أهيل عظيم فضربه ... » اهـ.
(¬3) انظر: ابن جرير (13/ 64 - 66).
(¬4) انظر: هذه الأقوال في المصدر السابق (13/ 54 - 57).

الصفحة 118