كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

منتنة سلطها الله عليهم- قال بعض المفسرين (¬1): مكث عليهم أيضًا سبعة أيام، من السبت إلى السبت، فشكوا إلى فرعون، فجاء فرعون موسى فقال: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135)} [الأعراف: الآيتان 134، 135] والقمل هذا كان يأتي بعض الناس فيتأذى به كما هو معروف، قال بعضهم: ومنه قول الأعشى (¬2):
قَوْمًا يُعالجُ قُمَّلاً أَبْنَاؤُهُمْ ... وَسَلاَسِلاً أُجُدًا وَبَابًا مُؤْصَدًا

أن هذا القمل يؤذيهم، وقد عرفنا أقوال العلماء في تفسيره، وهذا معنى قوله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ} [الأعراف: آية 133].
لما رفع الله عنهم القُمَّل وأزاله ولم يبق له أثر مكثوا شهرًا في عافية، كما قال بعضهم، وقال بعضهم غير ذلك (¬3)، فأرسل الله عليهم الضفادع، والضفادع جمع ضفدع، وهو الحيوان المعروف، وكان بعضهم (¬4) يزعم أن الضفادع كانت بريّة، وأنها لم تكن من حيوانات البحر كما زعموا، فلما عذّب الله بها قوم فرعون صارت تقتحم في قدورهم وهي تفور، وتقتحم في تنانيرهم في شدة حرها، ومنعتهم الطعام، كان الرجل يجلس في الضفادع إلى عنقه، وإذا أراد أن يتكلم بادرته الضفدع فجاءت في فِيه، ولقوا منها العذاب الشديد
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (13/ 67).
(¬2) ديوان الأعشى ص 54. والأُجد: مُحكمة الربط.
(¬3) انظر: ابن جرير (13/ 67).
(¬4) انظر: السابق (13/ 63).

الصفحة 119