كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

-والعياذ بالله- فلما لقوا منها ذلك كانوا ليس عندهم شيء إلا به الضفادع، لا يرفعون ثوبًا ولا إناء إلا وبه الضفادع، وبيوتهم ملأى منها، والواحد جالس في الضفادع إلى عنقه، تتساقط لهم في قدورهم وأطعمتهم وثنانيرهم، وكادت تهلكهم، فمكثت عليهم -يقولون- سبعة أيام، من السبت إلى السبت، فشكوا ذلك إلى فرعون، فجاء فرعون موسى فقال: {يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ} [الأعراف: آية 134] إلى آخر ما ذكرنا (¬1).
والضفادع حيوانات تكون برية وتكون بحرية، والتحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه أنها لا يجوز أكلها ولا قتلها، وقد ثَبتَ في السنن من حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله طبيب في ضفدع يجعلها في دواء، فنهى صلى الله عليه وسلم عن قتلها (¬2) هذا جاء في السنن في حديث صحيح عن النبي، وما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله لا يجوز أكله؛ لأنه لا يوصل إلى أكله إلا بقتله بالذبح، هذا هو التحقيق. فالذين يأكلون الضفادع يرتكبون الحرام الذي لا شك فيه، وظاهر هذا الحديث سواء كانت بريّة أو بحرية، وهو الأظهر، والله تعالى أعلم. وهذا معنى قوله: {وَالضَّفَادِعَ} [الأعراف: آية 133].
¬_________
(¬1) انظر: المصدر السابق (13/ 58 - 69).
(¬2) أبو داود في الطب، باب في الأدوية المكروهة، حديث رقم (3853)، (10/ 352)، وأخرجه في موضع آخر. انظر: حديث رقم (5247)، والنسائي في الصغرى، كتاب الصيد والذبائح، باب الضفدع، حديث رقم (4355)، (7/ 210)، وفي الكبرى، كتاب ما قذفه البحر، باب الضفدع، حديث رقم (4867)، (3/ 166)، والبيهقي في الصغرى، كتاب الصيد والذبائح، باب ما يحرم من جهة ما لا تأكله العرب، حديث رقم (4232)، (2/ 411)، والطيالسي في المسند ص163، والطحاوي في المشكل (2/ 312 - 313).

الصفحة 120