كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ولمّا رفع الله عنهم الضفادع، وبقوا في عافية شهرًا أو غير ذلك، وهم راجعون لأشد ما هم فيه من العذاب، وقالوا: تبيّن لنا أن هذا الرجل هو رئيس السحرة وكبيرهم، كما قص الله عنهم في قوله: {إِِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} [طه: آية 71] عندما آمن السحرة لرب موسى وهارون، فلما رجعوا إلى كفرهم بعد ذلك أرسل الله عليهم الدم، والدم: هو الدم هذا المعروف الذي تعرفونه، وأصل الدم (دَمَيٌ) بالياء، فهو من الأسماء الثلاثية التي حذفت العرب لامها وعاضتها على العين، والتحقيق أن لامه المحذوفة ياء، خلافًا لمن زعم أنها واو، فهو (دمي) على وزن (فَعَل) (¬1) وربما ظهرت ياؤه المحذوفة عند التثنية وغيرها، ومن ظهورها عند التثنية قول سحيم بن وثيل الرياحي (¬2):
فَلَوْ أَنَّا عَلَى حَجَرٍ ذُبِحْنَا ... جَرَى الدَّمَيَانِ بِالخَبَرِ اليَقِينِ

وهذه الياء المحذوفة من الدم تظهر في كثير من التصاريف، تظهر في الفعل الماضي، وتظهر في المضارع، ومن ظهورها في الفعل الماضي المشتق من الدم قول الراجز (¬3):
هَلْ أَنْتِ إِلاَّ أُصْبُعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ

لأن الياء من (دَمِيَ) (فَعِلَ). و (دمي) معناها: جاء منها الدم.
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (145) من سورة الأنعام.
(¬2) البيت للمثقب العبدي، وهو في ديوانه ص99، رصف المباني ص242، اللسان (مادة: أخا) ص32، (مادة: دمي) ص1017، ونسبه بعضهم لعلي بن بدال.
(¬3) مضى عند تفسير الآية (145) من سورة الأنعام.

الصفحة 121