كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

واضحات لا لبس فيها أنها من الله، وأنها حق، وأن هؤلاء الكفرة عاندوا الحق الواضح.
وقال بعض العلماء: مفصلات: بينها فصل؛ لأنه كلما جاءتهم آية وعَذَّبَهُم الله بها وضَجُّوا إلى فرعون، وضَجَّ فرعون إلى موسى، وقال: {لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ} [الأعراف: آية 134] فكشف عنهم الرجز ومكثوا زمنًا في عافية فصار بين الآيات فصل من العافية بين هذه وهذه، وأن ذلك هو معنى قوله: {مُّفَصَّلاَتٍ} أي: متتابعات بين كل اثنتين منها فصل، هكذا قاله بعضهم، وهذا معنى قوله: {وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ}.
{فَاسْتَكْبَرُواْ} أي: تَكَبَّرُوا عَنْ قَبُولِ الحَقِّ مَعَ مشاهدة هذا عندما ينزل بهم العذاب يستكينون ويخضعون قهرًا لا رغبة في الخير، فإذا رُفع عنهم أعرضوا إلى ما كانوا عليه، هذا معنى: {فَاسْتَكْبَرُواْ}.
{وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ} [الأعراف: آية 133] قدمنا مرارًا (¬1) أن القوم في لغة العرب التي نزل بها القرآن: اسم جمع لا واحد له من لفظه، يختص في الوضع في الذكور دون الإناث، وربما دخل فيه الإناث بحكم التبع، والدليل على اختصاصه بالذكور في الوضع قوله تعالى في الحجرات: {لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ} ثم قال: {وَلاَ نِسَاء مِّن نِّسَاءٍ} فلو دخل النساء في اسم القوم وضعًا لما قال: {وَلاَ نِسَاء مِّن نِّسَاءٍ} [الحجرات: آية 11] ونظيره من كلام العرب قول زهير بن أبي سلمى (¬2):
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (80) من سورة الأنعام.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (80) من سورة الأنعام.

الصفحة 124