كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

(¬1) هم بنو إسرائيل بإجماع العلماء (¬2)، وكونهم {كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ} [الأعراف: آية 137] كان فرعون يستضعفهم ويأخذهم أخذ الضعيف الذي لا حيلة له فيقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم، ويستخدمهم في الأعمال الشاقة، إلى غير ذلك من الإهانات، كما يأتي في قوله: {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [الأعراف: آية 141].
فقوله: {مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} [الأعراف: آية 137] جماهير العلماء على أن مشارق الأرض هو المفعول الثاني لـ (أورثنا) (¬3)، أورثنا المستضعفين مشارق الأرض ومغاربها. أي: جعلناها آيلة إليهم بعد أن أهلكنا الكفار الذين كانوا فيها، وهذا هو التحقيق خلافًا لما نُقل عن الكسائي والفراء (¬4) مِنْ أنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الخَافِضِ، وأن المعنى: وأوْرَثْنَا القوم الذين كانوا يستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها، وعلى هذا القول فمفعول الإيراث محذوف. ولا يخفى أن هذا القول غير صواب، وإن نقل عن الكسائي والفراء وغيرهم، وأن التحقيق أن الإيراث واقع على بني إسرائيل، وأن قوله: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ} أن (أورثنا) تطلب مفعولين، المفعول الأول: هو قوله {الَّذِينَ} والمفعول الثاني: هو قوله: {مَشَارِقَ الأَرْضِ} أي: أورثناهم مشارق الأرض كما جاء موضحًا في آيات أُخر، كقوله: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28)} [الدخان: آية 28] {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)} [الشعراء: آية 59] ونحو ذلك من الآيات.
¬_________
(¬1) في هذا الموضع انقطع التسجيل، وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.
(¬2) انظر: الأضواء (2/ 331).
(¬3) انظر: الدر المصون (5/ 438).
(¬4) انظر: القرطبي (7/ 272).

الصفحة 126