كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

البقرة (¬1)، وذلك معنى قوله: {فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [الأعراف: آية 136].
لما ماتوا كلهم وأنجى الله بني إسرائيل، ووقع الغرق بالقبط وهم ينظرون، كما تقدم في قوله: {وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} [البقرة: آية 50] لما وقع هذا وجاوزوا البحر كانوا في الحقيقة قومًا غير طيبين؛ لأنهم لما جاوزوا البحر أتوا على قوم يعبدون الأصنام، أتوا على قوم يعكفون وراء البحر لما جازوه، وهؤلاء القوم يقول بعض المؤرخين: إنهم من لخم قبيلة العرب المشهورة. وبعضهم يقول: من لخم وجذام. وبعضهم يقول: هم من الكنعانيين الذين أُمروا بقتالهم في البلاد المقدسة (¬2). وكان ابن جريج يقول: أصنامهم أمثلة البقر، فلما رأوا أمثلة البقرة كأنهم من ذلك الوقت أحبوا عبادة البقر (¬3)؛ ولذلك أخرج لهم السامري العجل كما هو معروف، وكان بعض المؤرخين يقول: هم قوم كانوا نازلين بالرّقة من مصر. ويقولون: إنها من الريف، قريب من الساحل، يُوصَل منها إلى الفيوم. هكذا يقولون. والله تعالى أعلم.
وعلى كل حال فلما جاوز الله بهم البحر بعد هذه الآيات والعبر وهذه النعم العظيمة طلبوا من نبيهم عبادة الأوثان -والعياذ بالله- وهذا يدل على عدم الطيب؛ ولذا قال: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ} {فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ} معناه: مروا على قوم.
¬_________
(¬1) راجع ما سبق عند تفسير الآية (50) من سورة البقرة.
(¬2) هذه الأقوال ذكرها ابن جرير في التفسير (13/ 81).
(¬3) انظر المصدر السابق (13/ 80).

الصفحة 132