كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

{يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ} قرأ هذا الحرف جمهور القراء منهم السبعة غير حمزة والكسائي: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ} بضم الكاف. وقرأه من السبعة حمزة والكسائي: {يَعْكِفُونَ عَلَى أصْنَامٍ لهُمْ} بكسر الكاف (¬1). وهما قراءتان سبعيتان صحيحتان، ولغتان عربيتان فصيحتان.
والعكوف: معناه الإقامة، أي: يقيمون ملازمين عبادة الأصنام.
{عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ} يعكفون مقيمين عليها دائمًا يعبدونها، يُقال: إنها تماثيل بقر كما قاله ابن جريج.
{قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا} صنمًا مثل أصنام هؤلاء نعبده {كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} (ما) بقوله: {كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} قيل: هي كافة للكاف؛ ولذا جاءت بعدها جملة. وبعضهم يقول: هي مصدرية. وبعضهم يقول: موصولة. والخطب في ذلك سهل (¬2). والمعنى: كما أن هؤلاء لهم آلهة فاجعل لنا إلهًا كآلهتهم نعبده -والعياذ بالله- وبعض العلماء يقول: هم كفروا بهذا القول؛ لأن من طلب عبادة غير الله فقد كفر. وقال بعض العلماء: كانوا قومًا يتمكن منهم الجهل، يظنون أَنَّ مَنْ تَقَرَّبَ إلى الله بعبادة غيره أن ذلك يُقَرِّبُهُ إلى الله!! ويعتقدون أن ذلك يصح! وهذا غاية الجهل، كما قال لهم نبي الله موسى: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} وصفهم بالجهل المطلق، وجاء بصيغة المضارع يشير إلى أن الجهل كأنه معهم في الحال والمستقبل لا يفارقهم،
¬_________
(¬1) انظر: المبسوط لابن مهران ص214.
(¬2) انظر: الدر المصون (5/ 442).

الصفحة 133