كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

وأطلب لكم معبودًا غير الله سبحانه عن ذلك وتعالى علوًّا كبيرًا {وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} والحال: هو فضلكم على العالمين. ومن تفضيله لكم: أن أهلك عدوكم وأنجاكم وأنقذكم من هذا الطاغية العظيم، وهم في ذلك الوقت -جميع الناس كفرة- وهم عندهم إيمان، فهم أحسن الموجودين على ما كان منهم مما لا ينبغي، وهذا معنى قوله: {وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} وقد بينّا مرارًا النصوص الصحيحة الدالة على أن هذه الأمة الكريمة أفضل منهم مرارًا (¬1)، وهذا معنى قوله: {وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأعراف: آية 140].
{وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)} [الأعراف: آية 141].
قرأ هذا الحرف عامة السبعة غير ابن عامر: {وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ} وقرأه ابن عامر وحده من السبعة: {وَإِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} من غير ياء ولا نون (¬2). فعلى قراءة ابن عامر: اذكروا إذ أنجاكم الله. أنجاكم هو، أي: الله. وعلى قراءة الجمهور: {أَنجَيْنَاكُم} فالنون للتعظيم، والله هو المتكلم بذلك معظمًا لنفسه، وقوله: واذكروا {إِذْ أَنجَيْنَاكُم} حين أنجيناكم {مِّنْ آلِ فِرْعَونَ} أي: من فرعون وقومه.
{يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} قال بعض العلماء: {يَسُومُونَكُمْ}
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (47) من سورة البقرة.
(¬2) انظر: المبسوط لابن مهران ص214.

الصفحة 135