كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

التفسير: إنها هي شهر ذي القعدة، أولها من ذي القعدة، وأن العشر الذي تمم بها أربعون: عشر ذي الحجة (¬1)، وأن إعطاء التوراة كان يوم النحر في اليوم العاشر، انتهاء العشر. يقولون: إن الله لما أراد الميعاد مع موسى واعده ثلاثين ليلة - ليصوم فيها وينقطع للعبادة لمناجاة الله، فلما صام الثلاثين يقول المفسرون (¬2): إنه لما صام ثلاثين يومًا أحس بخلوف فمه -خلوف فم الصائم- فاستاك فَغَيَّرَ السواك ريح خلوف الفم، وأن الملائكة قالوا: كنا نشم من فِيك ريح المسك فأفسدته بالسواك، وأنه لما استاك بعد الثلاثين أمَرَهُ الله أن يصوم عشرة أيام أُخَر لأجل أن يرجع له خلوف الفم، ويكون وقت المناجاة عند انتهاء الميقات وفمه فيه خلوف الصائم، وخلوف فم الصائم معروف، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: «لخلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ» (¬3). وهذا معنى قوله: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً} يصوم أيامها ويَتَعَبَّد هذه المدة قبل المناجاة، وذلك يدل أنه ينبغي العبادات والانقطاع إلى الله قبل مناجاته.
{وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} ما ذكرنا.
{فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: آية 142] بالعشر التي زِيدَتْ على الثلاثين، ومعلوم أن العشر إن زيدت على الثلاثين صارت أربعين كما قال: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (13/ 86)، ابن كثير (2/ 243)، القرطبي (7/ 274).
(¬2) انظر: ابن كثير (2/ 243)، القرطبي (7/ 274).
(¬3) أخرجه البخاري في الصوم، باب فضل الصوم، حديث رقم: (1894)، (4/ 103). وأطرافه في: (1904، 5927، 7492، 7538). ومسلم في الصوم، باب: فضل الصيام حديث رقم: (161 - 165)، (2/ 806).

الصفحة 141