كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ (144)} [الأعراف: الآيتان 143، 144].
يقول الله جل وعلا: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)} [الأعراف: آية 143].
(لما) هذه هي التي تربط شرطًا بجزاء، وقد قدمنا أن علماء العربية اختلفوا فيها: هل هي حرف أو اسم؟ (¬1).
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى} نبي الله موسى بن عمران {لِمِيقَاتِنَا} أي: جاء للوقت الذي حددناه له للميعاد للمناجاة وإعطاء التوراة بعد انتهاء الأربعين يومًا كما تقدم إيضاحه، كما تقول: جاءني فلان لستة خلون من شهر كذا، لما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه وسمع كلام الله (جل وعلا) اشتاق موسى إلى رؤية الله لما كلَّمه الله، قال موسى لربه: {أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} (رب) أصله: يا ربي، حُذفت أداة النداء، وحُذفت ياء المتكلم اكتفاء عنها بالكسرة. وحَذْفُ ياء المتكلم إحدى اللغات الخمس المشهورة في المنادى إن كان صحيح الآخر، مضافًا إلى ياء المتكلم كما هو معروف في محله (¬2).
وقوله: {أَرِنِي} قرأ هذا الحرف جماهير القراء منهم السبعة غير ابن كثير وأبي عمرو {أَرِنِي} بكسر الراء كسرة تامة. وقرأ هذا
¬_________
(¬1) انظر: الحروف العاملة في القرآن الكريم ص596.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (54) من سورة البقرة.

الصفحة 144