كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

الحرف ابن كثير والسوسي عن أبي عمرو: {أرْني أنظر إليك} بسكون الراء. وقرأه الدوري عن أبي عمرو بكسرة مُختلسة. فتحصَّل أن جميع القراء غير ابن كثير، وأبي عمرو قرءوا: {أَرِنِي} بكسرة تامة، وأن ابن كثير قرأ بسكون الراء، وكذلك قرأه السوسي عن أبي عمرو، وقرأ الدوري عن أبي عمرو بكسرة مُختلسة (¬1) -وقد قدمنا- بأن هذه القراءات في: {أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} هي بعينها في قوله: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [البقرة: آية 128].
وفي إسكان الراء في القراءة السبعية إشكال، فلطالب العلم أن يقول: ما وجه إسكان الراء {أرْني أنظر إليك} في قراءة ابن كثير والسوسي عن أبي عمرو؟
والجواب عن هذا السؤال: أن من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن أنها ربما اعتبرت العين كأنها لام، وكانت العين وراءها حرف لين محذوف لأمر أو لجزم - مثلاً - فتتخيل العرب العين كأنها اللام وتُنزّلها منزلة الحرف الأخير فتسكنها، ونظير هذا في القراءات: قراءة حفص في سورة النور (¬2): قوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ} [النور: آية 52] بسكون القاف، قوله: {وَيَتَّقْهِ} كقوله هنا: {أرْني} في قراءة ابن كثير والسوسي، وهذا معروف في كلام العرب، ومن أساليب اللغة أن العين المتحركة إذا كانت بعدها لام محذوفةٌ حرف علّة أنهم ربما اعتدوا بالعين فتخيلوا أنها اللام فسكنوها للأمر، وعليه قراءة: {ويخش الله ويتقْه} وقوله:
¬_________
(¬1) انظر: المبسوط لابن مهران ص136.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (54) من سورة البقرة.

الصفحة 145