كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

{أرْنا مناسكنا} [البقرة: آية 128] {أرْني أنظر إليك} ونظيره من كلام العرب قول الشاعر (¬1):
أَرْنَا إِداوَةَ عبد الله نَمْلَؤُهَا ... من ماءِ زَمْزَمَ إن القومَ قد ظَمِئُوا

وقول الآخر (¬2):
وَمَنْ يَتَّقْ فَإِنَّ اللهَ مَعْهُ ... فَرِزْقُ اللهِ مُؤْتَابٌ وغَادِ

ومن شواهده المشهورة قول الراجز (¬3):
قَالتْ سُلَيْمى اشْتَرْ لَنا سَوِيقا ... وهَاتِ خُبزَ البُّرِّ أَوْ دَقِيقَا ...
لَوْ كُنْتُ يَا سَلْمَى لِذَا مُطِيقا ... مَا كَانَ عَيْشِي عِنْدَكُمْ طَمِيقَا

فقوله: «اشتر» أصله: (اشتري) وهو كقوله: {أَرِنَا} في القراءة المذكورة، وهذا معنى قوله: {أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ}.
قال بعض العلماء: مفعول (أرني) الثاني محذوف (¬4). أي: أرني نفسك أنظر إليك، والفعل المضارع مجزوم بجواب الطلب، فقد قدمنا أن علماء العربية (¬5) يقول جماعة منهم: إن المضارع المجزوم في جواب الطلب مجزوم بشرط محذوف؛ أي: إن تُرني أنظر إليك.
ولما قال موسى هذا وسأل ربه أن يُريه ينظر إليه، طلب الله النظرَ إليه (جل وعلا)، قال الله مجيبًا لموسى: {لَن
¬_________
(¬1) السابق.
(¬2) السابق.
(¬3) السابق.
(¬4) انظر: الدر المصون (5/ 449).
(¬5) مضى عند تفسير الآية (69) من سورة البقرة.

الصفحة 146