كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

الخنصر، فلما كَشَفَهُ وظهر للجبل صار الجبل دكًّا، اندك الجبل حَتَّى استوى بالتراب، وصار ترابًا.
{وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} الصحيح أن معنى قوله: {صَعِقًا}: مغشيًّا عليه، خلافًا لقتادة القائل: (خَرَّ صعقًا) أي: ميتًا (¬1). وفي الآية الكريمة قرينة تدل على أن معنى (صعقًا): مغشيًا عليه، وهي قوله: {فَلَمَّا أَفَاقَ} لأن الإفاقة من الغشية والموت يقال: بعثه بعد الموت. لا أفاق بعد غشيته منها. وهذا معنى قوله: {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}.
قرأ هذا الحرف عامّة القراء غير حمزة والكسائي {جَعَلَهُ دَكًّا} مصدر بمعنى اسم المفعول، وقرأه حمزة والكسائي: {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكَّاءَ وخر موسى صعقًا} (¬2).
أما على قراءة الجمهور: صار الجبل دكًّا، أي: مدكوكًا (¬3)، والدكّ: أصله طحن الجبال، فطحنه الله. قال بعضهم: حتى استوى
¬_________
(¬1) أخرجه ابن أبي حاتم (5/ 1561)، وأورده ابن كثير (2/ 244)، والسيوطي في الدر (3/ 120)، وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(¬2) انظر: المبسوط لابن مهران ص214.
(¬3) انظر: حجة القراءات ص295.

الصفحة 148