كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

يراه شكلاً مثلثًا، فشعاع العين الذي يمشي مع المستقيم يسبق إليه (جل وعلا) قبل الذي يمشي مع الزاوية المنفرجة فيسبق هذا هذا، وهذا محال. وهو كلام كله باطل وضلال لا طائل تحته!!
وما استدلوا به من قوله: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} فقد أجاب العلماء عنه بأن المنفي بقوله: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: آية 103] الإدراك المشعر بالإحاطة، أما مطلق الرؤية فليس هو المنفي في ذلك، بدليل قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: الآيتان 22، 23] فما يدّعونه من الاستحالات العقلية لا طائل تحته.
وما تمسكوا به مِنَ النَّقْلِ لا حُجَّةَ لهم فيه، والتحقيق الذي لا شك فيه أنَّ المؤْمِنين يرون ربهم يوم القيامة لا يضارون في ذلك، كما صرّح به الصادق المصدوق، ورواه عنه نحو عشرين صحابيًّا من أصحابه (رضي الله عنهم). هذا هو التحقيق في هذا المقام.
وقول المعتزلة: «إن (لن) حرف نفي يدل على نفي الشيء للمستقبل نفيًا باتًّا» هو كذب أيضًا، وتَقَوَّلٌ على اللغة العربية بما ليس منها!! والذي دَلَّتْ عَلَيْهِ أدِلَّة العَرَبِيَّةِ الواردة في القرآن الذي هو في الطرف الأعلى من الفصاحة والإعجازات على أن قول المعتزلة هذا بأن (لن) إنها للنفي في المستقبل نفيًا أبديًّا باتًّا هذا باطل كذب.
وقد دلت ثلاث آيات من كتاب الله على كذب هذا القول، وأنه ليس بصحيح:
إحداها: أن (لن) لو كانت نصًّا صريحًا في النفي المستقبل الباتّ الأبدي لما جاز تقييد نفيها في يوم ولا ظرف معين، وقد جاء

الصفحة 152