كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ومعنى القراءتين واحد؛ لأن الرسالة أُضيفت إلى معرفة فهي تعم، وتكون بمعنى الجمع كما هو معروف.
{بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي} الذي كلمتك به {فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ}. {مَا آتَيْتُكَ} وهو التوراة. يعني: خذها كما يأتي: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: آية 145].
{وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: آية 144] لله على هذه النعم العظام حيث كلمك، وأهلك عدوك، وكتب لك هذا الكتاب العظيم الذي هو التَّوْرَاة.
وقوله: {مِّنَ الشَّاكِرِينَ} الشاكرون جمع الشاكر، وهو اسم فاعل الشكر، وقَدْ قَدَّمْنَا مرارًا (¬1) أن الشكر في لغة العرب: الظهور، ومنه: (ناقة شكور) يظهر عليها السِّمَن، و (الشكير): الغصن الذي يظهر في الجذع الذي كان مقطوعًا، كما هو معروف.
والشكر في القرآن يطلق من الرب لعبده، ومن العبد لربه، كما قال في شكر الرب لعبده: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ} إلى قوله: {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: آية 158]، وقوله: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: آية 34] ومعنى شكر الرب لعبده: هو أن يثيبه الثواب الجزيل من عمله القليل. ويُطْلِق الشكر من العبد لربه كقوله: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: آية 13] {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: آية 14] وضابط شكر العبد لربه: هو أن يصرف نعمته بما يرضيه.
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (52) من سورة البقرة.

الصفحة 157