كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

الله ونشكر له. ولا يقول: ونشكره. ومن ادعى أن: (ونشكره) وأن تعدي مادة الشكر إلى المفعول الذي هو المنعم بنفسها لا يجوز؛ خلاف التحقيق.
والحق الفصل الذي لا شك فيه في هذا المقام: أن اللغة الفصحى أن تتعدى إليه باللام لا بنفسها، وأن تقول: نحمد الله ونشكر له. هذه اللغة الفصحى بلا نزاع. وهي لغة القرآن، يقول: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: آية 14] ولم يقل: أن اشكرني. ويقول: {وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} [البقرة: آية 152] ولم يقل: واشكروني. أما قولهم: إن مثل قوله: (أحمده وأشكره) أنه لحن لا يجوز. فليس بصواب، بل (أشكره) لغة مفضولة، و (أشكر له) هي اللغة الفصحى، وقد جاء عن العرب أنهم يُعَدُّونَ -مثلاً- الشكر إلى المنعم بلا واسطة الحرف، وهو متبوع في كلامهم، ومن أمثلته في كلامهم قول أبي نخيلة (¬1):
شَكَرْتُكَ إِنَّ الشُكْرَ حَبْلٌ مِنَ التُّقَى ... وَمَا كُلُّ من أَوْلَيْتَهُ نعمةً يَقْضِي

ولم يقل: شكرت لك. وإنما قال: شكرتك. ومنه بهذا المعنى قول جميل بن معمر (¬2):
خَلِيْلَيَّ عُوجَا اليومَ حتى تُسَلِّمَا ... على عَذْبَةِ الأَنْيَابِ طَيِّبَةَ النَّشْرِ
فإنكُما إنْ عُجْتُمَا ليَ ساعةً ... شكرتُكُمَا حتى أُغَيَّبَ في قبري

فإنه عربي قح، وقد قال: شكرتكما. ولم يقل: شكرت لكما.
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (53) من سورة الأنعام.
(¬2) السابق.

الصفحة 159