كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

رسولي صلى الله عليه وسلم وعليك أن تقف عند حدّك (¬1).
هذا ذكرناه مرارًا مطولاً ومختصرًا، فعلينا أن ننزّه خالقنا عملاً بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء} {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} [الإخلاص: آية 4] {فَلاَ تَضْرِبُواْ للهِ الأَمْثَالَ} [النحل: آية 74] وعلينا أن نُصَدِّقَهُ بما وصف به نفسه، ولا نقول: هذا نص يوهم غير اللائق!! فنثبت: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} على أساس: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء} [الشورى: آية 11] ولا نقول: هذا نص يوهم غير اللائق؛ لأن الحيوانات تسمع وتبصر فنؤوّله!! لا نفعل ذلك، ونقف عند حدّنا {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاُ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)} [طه: آية 110] ونعلم أن الله وصف نفسه بأنه كلم موسى، وأكد ذلك التكليم في سورة النساء بالمصدر في قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: آية 164] يجب علينا أن نعلم أن الكلام صفة الله الأزلية، وأنه لم يَتَجَرَّدْ يومًا ما عن أنه متكلِّم، وأنه في كل يوم يتكلم بما شاء، كيف شاء، على الوجه اللائق بكلامه وجلاله المنزّه عن مشابهة كلام المخلوقين من جميع الجهات، ونُمِرُّه كما جاء مع تنزيه الله وتعظيمه، ولا نأتي بشيء من المحالات والبلايا.
وهنا للمتكلمين ضلالات طويلة، وكلام باطل طويل في الكلام لا يسعه هذا المقام.
[19/أ] / {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا
¬_________
(¬1) لم يذكر الأساس الثالث وقد ذكره في الموضع السابق عند الكلام على هذا الموضوع، وهو قطع الطمع عن إدراك كيفيات الصفات.

الصفحة 162