كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ (148) وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (149) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)} [الأعراف: الآيات 148 - 150].
يقول الله جل وعلا: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ (148)}.
{قَوْمُ مُوسَى} هم بنو إسرائيل، أي: واتخذ بنو إسرائيل {مِنْ حُلِيِّهِمْ} أصل هذا الحلي للقبط استعاره منهم الإسرائيليون لعُرس أو ليوم زينة عندهم كانوا يَتَزَيَّنُون فيه، وأُمر موسى أن يسري ببني إسرائيل قبل أن يردوا الحلي للقبط، فسافروا به، وأهلك الله فرعون وقومه، وبقي ذلك الحلي المستعار منهم عند الإسرائيليين، فاتخذ السامري العجل من ذلك الحلي. وهنا قال: {مِنْ حُلِيِّهِمْ} قال بعض العلماء: لأن الله أَوْرَثَهُمْ أموالهم بعدهم كما في قوله: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)} [الشعراء: آية 59] ولذا أضافه إليهم بعد هلاك فرعون وقومه. وقال بعض العلماء: الإضافة تقع بأدنى ملابسة، فلما كان تحت أيديهم عاريةً عندهم أضافه إليهم بهذه الملابسة، وقد بيَّن في «طه» أنه من زينة قوم آخرين كما ذكر عن الإسرائيليين أنهم قالوا: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ} [طه: آية 87] وهي حلي القبط. هذا وضابط ذلك أن السامري -قبّحه الله- موسى بن ظفر رأى جبريل لما جاء على فرس

الصفحة 163