كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ليأخذ موسى إلى الميعاد، أو ليمشي أمام فرعون وقومه، والأكثرون يقولون: إن موسى لما أراد الله إتيانه للميعاد أرسل إليه جبريل. قالوا: وكان جبريل راكبًا على فرس فلاحظها السامري، كل شيء مسه حافر تلك الفرس ينبت فيه النبات، فَعَرَفَ السَّامِرِيُّ أن الله (جل وعلا) جعل في أثر تلك الفرس خاصة الحياة، فجاء وقبض قبضة من التراب الذي مسه حافر ذلك الفرس ثم أمسك ذلك التراب عنده، وكان السامري -قبحه الله- صائغًا فصاغ ذلك العجل. يقول بعض المؤرخين: إنه بعد غيبة موسى قال لهارون: هذا الحلي صار غنيمة، والغنائم لا تحل لكم فاجعلوه في النار ليكون قطعة واحدة ليكون ذلك أيسر لأمره حتى يأتي نبي الله موسى فَيَرَى رَأْيَهُ فيه، وإنهم لما جعلوه في النار صاغه السامري على صورة عجل، ولما صاغ ذلك الحلي على صورة عجل جعل فيه ذلك التراب الذي كان مُدَّخرًا له -الذي مسه حافر فرس جبريل وجعل الله فيه خاصة الحياة- فصار ذلك العجل جسدًا له خوار.
وقد أشار الله إلى هذا في سورة (طه) في قوله عن موسى والسامري: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} يعني من أثر حافر فرس الرسول، يعني جبريل {فَنَبَذْتُهَا} [طه: الآيتان 95، 96] أي: على العِجْل. فجعله الله جسدًا له خوار، فلما ألقى السامري ذلك التراب على العِجْل وصار ذلك العِجْل المصوغ من الحلي جسدًا له خوار. الخوار في لغة العرب: هو أصوات البقر خاصة، تقول العرب: خارت البقر تخور وتخاورت البقر؛ أي: صَوَّت بعضها إلى بعض، وهذا معروف في كلامهم، ومنه قول العباس بن مرداس السُّلَمِي في غزوة حنين في

الصفحة 164