كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
زاد بعض العلماء: أن العَرَبَ تطلق الضلال على الحبّ، وهذا إطلاق غير مشهور معروف كهذه الإطلاقات الثلاثة التي ذكرنا.
{وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ} أي: علموا أنهم قد ضلوا عن طريق الإيمان إلى طريق الكفر، أنابوا إلى الله وتابوا ملتجئين إلى الله.
{قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا} [الأعراف: آية 149] قرأ هذا الحرف عامة السبعة غير حمزة والكسائي: {قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا} بـ (ياء الغيبة) و {رَبُّنَا} مرفوعٌ فاعل: {يَرْحَمْنَا}.
وقرأه حمزة والكسائي من السبعة: {قَالُوا لَئِن لَمْ تَرْحَمْنَا رَبَّنَا وَتَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} (¬1).
فمعنى قراءة حمزة والكسائي (¬2): لئن لم ترحمنا يا رَبَّنَا، وتغفر لنا يا ربنا لنكونن من الخاسرين.
أمّا على قراءة الجمهور: فالمعنى: {لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا} أي: يتداركنا برحمته {وَيَغْفِرْ لَنَا} الغفران: هو محو الذنوب حتى لا يظهر لها أثر يتضرر به صاحبها بعد ذلك.
{وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} والله لنكونن من الخاسرين. وأصل الخسران: نقصان مال التاجر مِنْ رِبْحٍ أوْ رَأْسِ مَالٍ، وهو قد يُطلق في الشَّرْعِ وفي القرآن على غَبْنِ الإنسان في حظوظه مِنْ رَبِّهِ، وأكبر الخسارة غبن الإنسان بحظوظه من خالقه جل وعلا.
¬_________
(¬1) انظر: المبسوط لابن مهران ص215.
(¬2) انظر: حجة القراءات ص296، القرطبي (7/ 286)، الدر المصون (5/ 465).
الصفحة 172
604