كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

وقد بيّنا في هذه الدروس مرارًا وكررنا (¬1) أن هذا الخسران أقسم الله في سورة عظيمة من كتابه أنه لا ينجو منه أحد إلا بشروط معينةٍ منصوصة في كتاب الله، كما أوضح الله ذلك في قوله: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} {إِنَّ الإِنسَانَ} الألف واللام للاستغراق، فهو بمعنى: أن كل إنسان كائنًا من كان {لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر: الآيات 1 - 3].
وقد كررنا في هذه السور الماضية مرارًا (¬2) أن العلماء ضربوا لهذا الخسران مثلين، في كل منهما موعظة يتعظ بها المؤمن في دار الدنيا وقت إمكان الفرصة، كررناها مرارًا، ولا نزال نكررهما لعل الله أن يرسل موعظة لقلوب إخواننا تهديهم إلى ما يرضي الله، وتنهاهم عما يكرهه خالقهم، فمن ذلك:
أن العلماء قال بعضهم: إن الله (جل وعلا) أعطى كل إنسان رأس مال، وأمره بالتجارة فيه مع خالقه، ورأس هذا المال المعطى لكل إنسان هو الجواهر النفيسة، والأعلاق العظيمة التي لا مثيل لها في الدنيا، ألا وهي: ساعات العمر ودقائقه وثوانيه. فليعلم كلٌّ منا أن رأس ماله الذي أعطاه خالقه جواهر لا مثيل لها في الدنيا، ولا نظير لها، ولا يوجد شيء أكبر منها فائدة إذا أُعملت على الوجه الأتم، ألا وهي: ساعات عمره ودقائق حياته وثوانيها.
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (9) من سورة الأعراف.
(¬2) السابق.

الصفحة 173