كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)} [الأعراف: الآيات 150 - 155].
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)} [الأعراف: آية 150].
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} لما رجع موسى إلى قومه من الميقات، عندما انتهى الميقات، وكلّم ربه وناجاه، وكتب له التوراة في الألواح، ورجع إلى قومه {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ} رجع في حال كونه {غَضْبَانَ أَسِفًا} (غضبان) حال من فاعل (رجع) رجع في حال كونه غضبان. وقوله: {أَسِفًا} حال أخرى. والأسف: شدّةُ الغضب، فمعنى: {غَضْبَانَ} شديد الغضب. والتحقيق: أن {أَسِفًا} هنا معناه: شديد الغضب، فهو كالتوكيد لغضبان. ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} أي: فلما أغضبونا انتقمنا منهم وأغرقناهم.
قوله: {غَضْبَانَ أَسِفًا} هذان حالان من قوله: {رَجَعَ مُوسَى} أي: في حال كونه غضبان أسِفًا (¬1). وجمهور علماء العربية: أن الحال تتعدد وعاملها واحد وصاحبها واحد (¬2)، خلافًا لجماعة من علماء العربية منهم أبو الحسن ابن عصفور ومن وافقه قالوا: لا يجوز تعدد
¬_________
(¬1) انظر: الدر المصون (5/ 465).
(¬2) انظر: شرح الكفاية (2/ 754)، التوضيح والتكميل (1/ 484)، ضياء السالك (2/ 96).

الصفحة 177