كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
عظيمٌ من الله، كما أشار له في قوله: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [طه: آية 80] على أحد التفسيرين. فلما وعدكم الله هذا الوعد العظيم الذي فيه كل هذا من الخير عَجِلْتُمْ أمْرَ رَبِّكُم بِذَلِكَ الوعد، أي: عجلتم عنه، وسبقتموه، وعبدتم العجل، ولم تنتظروا الخير الذي وعدكم الله به، وجئتم قبله بكل شر وسوء وخبث. والدليل على أنّ هذا هو تفسير الآية الصحيح: أنّ الله قال في سورة طه: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي} [طه: آية 86] هذا هو الأظهر في معنى الآية الكريمة: {بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} أعجلتم عن أمر ربكم بانتظار موسى، وانتهاء الوعد، وإتيانكم بكل خير تصلح به دنياكم وآخرتكم، عجلتم عن هذا كله، وعبدتم العجل، وكفرتم بالله والعياذ بالله.
{وَأَلْقَى الألْوَاحَ} جاء في حديث رواه ابن أبي حاتم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ الخَبَرُ كالمُعَايَنَةِ» (¬1)
واستدل لهذا بأن موسى
¬_________
(¬1) روى هذا الحديث جماعة من الصحابة منهم:
1 - ابن عباس عند أحمد (1/ 271)، والحاكم (2/ 321، 380)، وابن حبان (الإحسان 8/ 32)، والطبراني في الأوسط (1/ 12)، (7/ 104)، وابن أبي حاتم (5/ 1570)، والخطيب في تاريخه (6/ 56)، (8/ 12)، وابن عديّ (4/ 1580)، (7/ 2596)، وذكره السيوطي في الدر (2/ 127)، وعزاه لعبد بن حميد وأحمد البزار وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه. وهو في المشكاة (5738)، وصححه الألباني، وهو في الكنز (44111)، (44126).
2 - أنس عند الطبراني في الأوسط (7/ 90) والخطيب في تاريخه (3/ 360)، وابن عدي (1/ 203)، وقال: «هذا حديث باطل بهذا الإسناد» اهـ. وفي (4/ 1580)، وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 153)، وقال: «رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات» اهـ. وهو في الكنز (44110)، (44126).
3 - ابن عمر عند ابن عدي (7/ 2493)، وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 153)، وقال: «رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله رجال الصحيح، وصَحَّحَهُ ابن حبان» اهـ.
4 - أبو هريرة عند الخطيب في تاريخه (8/ 28)، هو في الكنز (44110)، (44126)، وانظر في الكلام على هذا الحديث: كشف الخفاء (2/ 218)، تذكرة الموضوعات (204)، إتحاف السادة المتقين (6/ 363).
الصفحة 180
604