كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

حتى يروا الله، فأخذتهم الصاعقة، وتلك الصاعقة هي التي أرجفتهم، وقال هنا: {أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [الأعراف: آية 155].
وقال بعض العلماء: هؤلاء الطائفة لم يفعلوا ذنبًا لكنهم لما ذهبوا مع موسى وسمعوا كلام الله داخلتهم هيبة شديدة وخوف عظيم حتى كادت مفاصلهم يبين بعضها من بعض. وهذا القول لا يتجه؛ لأنه يقول: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء} وهذا يدل على أن هنالك بعض الشيء.
وقال بعض العلماء: إن الله لما أمر موسى أن يأتي الميقات بسبعين، اختار السبعين وهم في نظره أفضل بني إسرائيل، وما كان يظن أنهم قد عبدوا العجل مع من عبده، وهم قد عبدوه، وموسى لا يدري عن ذلك، فلما جاءوا الميقات جاءتهم الرجفة والهزة العنيفة بسبب عبادة العجل.
وقال بعض العلماء: لم يعبدوا العجل ولكنهم داهنوا من عبَدَه فلم يزجروه زجرًا قويًّا، فجاءتهم الرجفة لعدم زَجْرِهِمْ كَمَا يَنْبَغِي.
هذه أقوال المفسرين، وفيها غير هذا، ولا شيء يقوم عليه الدليل القاطع منها، والله تعالى أعلم. وهذا معنى قوله: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} الهزة الشديدة، سواء قلنا إنها بسبب قولهم: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: 55] أو بسبب أنهم عبدوا العجل، أو أنهم لم ينهوا مَنْ عَبَدَ العِجْلَ، أو غير ذلك من الأسباب، ضاق الأمر بموسى، وعلم أنهم إن ماتوا وقعت بنو إسرائيل في بليةٍ لا مخرج منها؛ لأنه لو ماتت تلك

الصفحة 194