كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
والسفهاء: جمع سفيه، والسفه في لغة العرب التي نزل بها القرآن معناه: الخِفَّة والطيش (¬1)، تقول العرب: «تَسَفَّهَت الريحُ الريشةَ» إذا استخَفَّتْهَا فطارَتْ بِهَا كُل مَطَارٍ.
وهو في الاصطلاح: خِفَّةُ العَقْلِ وعَدَمُ رَجَاحَةِ الحلم، حتى يفعل الأشياء التي تضره وهو لا يدري أنها تضره (¬2).
والسفه في اصطلاح الفقهاء الذي يحجر به على المال (¬3) اختلف علماء الفقه في تحقيق مناطه (¬4)، فَذَهَبَ مالك بن أنس ومَنْ وَافقَهُ من العلماء أن مناطه على حفظ المال وحسن النظر فيه، فلو كان الإنسان يحفظ ماله ويحسن النظر فيه لم يكن سفيهًا عند مالك، وأُعطي له ماله ولو كان فاسقًا شِرِّيبًا سكِّيرًا عاصيًا لله.
وذهب الشافعي في طائفةٍ من العلماء إلى أنه إن كان يعصي الله فهو أسْفَهِ السفهاء، وأنه لا يستحق ماله إلا وهو مطيع لله؛ لأن من عصى الله سفيه خفيف العقل طائشه لا يعلم مصلحته.
وَشَارِبُ الخَمْرِ إِذَا مَا ثَمَّرا ... لما يَلِي مِنْ مَالِهِ لَمْ يُحْجَرَا (¬5)
أي: عند مالك، خلافًا للشافعي ومن وَافقه -رحم الله الجميع- وهذا معنى {بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا}.
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (66) من سورة الأعراف.
(¬2) السابق.
(¬3) السابق.
(¬4) السابق.
(¬5) مضى عند تفسير الآية (66) من سورة الأعراف.