كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» (¬1) وتدل على ذلك الآيتان في سورة البقرة وسورة الأنفال؛ لأن الله قال في البقرة: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لله} [البقرة: آية 193] فقوله: {وَيَكُونَ الدِّينُ لله} معناه: أنه لا يبقى شرك في الأرض؛ لأن الشرك ما دام في الأرض فالدين بعضه للشركاء، وآية الأنفال قوله: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله} [الأنفال: آية 39] كما هو ظاهر.
وأطلقت الفتنة في سورة الأنعام على الحُجة في قوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ} وفي القراءة الأخرى: {فتنتَهم} (¬2) أي: حجتهم {إِلاَّ أَن قَالُواْ وَالله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: آية 23].
{تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء} كما أضللت الذين عبدوا العجل والذين قالوا: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: آية 55] {وَتَهْدِي} بها {مَن تَشَاء} فلا تفتنه.
{أَنتَ وَلِيُّنَا} الولي في لغة العرب التي نزل بها القرآن: هو مَنِ انْعَقَدَ بَيْنَكَ وبينه سبب يجعلك تواليه ويواليك (¬3)، والله ولي المؤمنين {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [المائدة: آية 55] والمؤمنون أولياء الله {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (63)} [يونس: الآيتان 62، 63] فهم يوالونه بالطاعة وهو يواليهم بالثواب الجزيل والرحمة والغفران. وهذا معنى قوله: {أَنتَ وَلِيُّنَا}.
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (53) من سورة الأنعام.
(¬2) انظر: المبسوط لابن مهران ص192.
(¬3) مضى عند تفسير الآية (51) من سورة الأنعام.