كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
يقول الله عز وجل: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شيء فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)} هذا من بقية دعاء موسى بن عمران (عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام)، قال: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً} قوله: {وَاكْتُبْ لَنَا} معناه قدر لنا واقض لنا، أي: اجعل ذلك قدرًا مقدورًا وقضاءً مقضيًّا لنا {فِي هَذِهِ الدُّنْيَا} في هذه الحياة (الدنيا) تأنيث الأدنى لدنوِّها أو لدناءتها بالنسبة إلى الآخرة. {حَسَنَةً} قد قدمنا في سورة البقرة في الكلام على قوله: {وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)} [البقرة: آية 201] أن أظهر الأقوال أنّ الحسنة المطلوبة في الدنيا شاملة، فهي شاملة للتوفيق، والحياة الطيبة، والرزق الحسن، والعافية، وأن حسنة الآخرة المسئولة هي الجنة ونعيمها والنظر إلى وجه الله الكريم، فطلب موسى حسنة الدنيا الشاملة لعافيتها وتوفيقها ورزقها، وحسنة الآخرة التي هي التَّنَعُّمُ في الجَنَّةِ، والنَّظَر إلى وجْهِهِ الكَرِيمِ، هذا معنى قوله: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ} أي: وفي الآخرة حسنة. فحُذفت لدلالة ما قبلها عليها.
وقوله: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} العرب تقول: هاد يهود: إذا تَابَ