كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
بِآيَاتِنَا} الشرعية التي أنزلنا على رسلنا {يُؤْمِنُونَ} أي: يصدقون الرسل فيها، ويشمل ذلك عند بعضهم: {بِآيَاتِنَا}: الكونية القدرية، كما نصبنا من العلامات على قدرتنا، وأني أنا المستحق العبادة وحده، يؤمنون بذلك فيعلمون أنها دالة على ربوبية من نصبها، واستحقاقه للعبادة وحده.
ويفهم من هذه الآية من مفهوم مخالفتها: أن الذين لا يتقون الشرك ولا المعاصي، ولا يؤتون الزكاة لا تكتب لهم هذه الرحمة، وقد بيّن تعالى ذلك في قوله: {وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} الآية [فصلت: الآيتان 6، 7] وهذا معنى قوله: {وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: آية 156].
ثم ذكر من صفاتهم: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ} [الأعراف: آية 157] للعلماء كلامٌ كثير في الفرق بين الرسول والنبي، وأشهر الفوارق المعروفة عندهم: أن الرسول من أُرسل إليه وحي وأُمر بتبليغه، وأن النبي من أُوحي إليه سواء أُمر بتبليغه أو لم يؤمر (¬1). وهذا الفرق مشهورٌ على ألسنة العلماء، تأباه آية من سورة الحج، وهي قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} الآية [الحج: آية 52] فإنه صرح فيها بأن هناك نبيًا مرسلاً ورسولاً مرسلاً، ومع أنهما مرسلان فهما متغايران كما دل عليه العطف؛ ومن أجل هذه الآية قال بعض العلماء: الرسول: من أُنزل إليه كتاب مستقل كمحمد صلى الله عليه وسلم وموسى، والنبي: من أُمر بأن يتعبد بكتاب منزل على غيره كأنبياء بني إسرائيل الذين يؤمرون بالتعبد
¬_________
(¬1) انظر: شرح العقيدة الطحاوية ص155، لوامع الأنوار البهية (1/ 49).