كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

الأخبار والسيرة، ولكن الله نص على ما يدل على هذا في سورة العنكبوت حيث قال تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: آية 48] وهذا معنى (الأمي): الذي لا يقرأ ولا يكتب.
واختلف العلماء في منشأ النسبة إلى الأمي هذه (¬1)، فقال بعض العلماء: منسوب إلى أمة العرب؛ لأنهم أمةٌ أميون لا يكتبون ولا يحسبون؛ ولذا كانوا يعدون بالحصى؛ لأنهم لا يكتبون ولا يحسبون. (الأمي) أي: من أمة -منسوب إلى أمة- لا تحسب ولا تكتب ولا تقرأ.
قال بعض العلماء: منسوبٌ إلى أم القرى وهي مكة المكرمة حرَسَها الله.
وجماعةٌ من العلماء يقولون: الأمّيّ: الذي لا يقرأ ولا يكتب، منسوب إلى أمِّه؛ لأنه كأنه على الحالة التي ولدته بها أمُّه لم يتعلم بعدها كتابة ولا قراءة. هكذا زعمه بعضهم والله تعالى أعلم.
{يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ} [الأعراف: آية 157].
قوله: {يَجِدُونَهُ} معناه يجدون صفته الكاشفة ونعوته الواضحة مكتوبةً عندهم في التوراة والإنجيل؛ لأن الله بَيَّن صفات هذا النبي الكريم ونعوته الكاشفة التي لا تترك في النبي لبسًا، بَيَّنها في التوراة، وهو الكتاب الذي أنزل على موسى، وبَيَّنها في الإنجيل، وهو الكتاب الذي أنزل على عيسى (عليهم وعلى نبينا صلاة الله وسلامه)، فصفاته موجودةٌ عندهم، حتى إن الله قال عنهم:
¬_________
(¬1) انظر: القرطبي (7/ 298)، الدر المصون (5/ 478).

الصفحة 207