كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
قراءات صحيحة في كتاب الله لا إشكال فيها (¬1)، وأنشد بعض علماء العربية لجزم المضارع من غير جازم تخفيفًا قول امرئ القيس (¬2):
الْيَوْمَ أشْرَب غَيْر مُسْتَحْقب ... إِثْمًا مِنَ الله ولا وَاغِلِ
ومعروف أن بعضهم كَوَرْش يُبدل الهمزة ألفًا، تقول: {يامُرُهُم بالمعروف} {يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ} {يأمُرْهم بالمعروف} (¬3).
(المعروف): هو كل ما عرفه الشرع وكان منه، كعبادة الله وحده، وصلة الأرحام، ومكارم الأخلاق، وغير ذلك مما جاء به صلى الله عليه وسلم.
{وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ} المنكر: اسم مفعول (أنكره) وهو ما أنكره الشرع ولم يكن منه، ولم يأمر به، كعبادة الأوثان، وادعاء الأولاد لله، وكالخصال السيئة، وارتكاب المعاصي.
{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} اختلف العلماء في معنى الطِّيْب والخُبث في هذه الآية الكريمة ونحوها من الآيات في كتاب الله (¬4)، واختلافهم هذا من الاختلاف الذي ينبني عليه بعض الأحكام الشرعية، فذهب جماعة من العلماء إلى أن الطيبات هنا طِيبُها على نوعين: طِيب شرعي، وهو أن يكون الله أباحها وجعلها حِلاً لخلقه، فالله لا يُحِلُّ إلا الطيب، ولا يبيح إلا الطيب. ومعنى هذا -أنها طيبات- أن الله أباحها لخلقه واستطابها لهم، أي: يحل لهم الأشياء التي لا تحريم فيها.
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (109) من سورة الأنعام.
(¬2) السابق.
(¬3) للوقوف على القراءات في الهمزة وإبدالها ألفًا من (يأمرهم) انظر: النشر (1/ 276، 277، 390 - 391)، الإتحاف (1/ 199 - 200).
(¬4) انظر: ابن جرير (13/ 165)، القرطبي (7/ 300)، ابن كثير (2/ 254).