كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

وقال بعض العلماء: الطيبات؛ لأنها مستلذَّة يستطيبها من يستعملها.
وكذلك يُحرِّم عليهم الخبائث، قال بعض العلماء: هي التي دَلَّ الشرع على خبثها بنهيه عنها، كالميتة والدم ولحم الخنزير وما جرى مجرى ذلك.
وقال بعض العلماء: كل ما استخبثه الطبع العربي الذي صاحبه ليس ببالغ من الجوع غايةً تجعله يستطيب غير الطيب أنه يحرِّم ذلك.
فالذين قالوا: إن المراد بالطيبات هو الطيب الشرعي، وأن الله أباحها لخلقه مما يستلذه خلقه، وأنّ الخبائث هي ما خبث شرعًا مما منعه الله (جل وعلا) على خلقه كمالك بن أنس - وهو ممن قال هذا القول- فإنه لا يجعل استخباث الطبع العربي علة للتحريم؛ ولذا جاز عند مالك أكل المستخبثات التي يستخبثها الطبع العربي السليم، فإنه يجيز أكل الحيات إذا أُمن سمها، والعقارب والحشرات، وما جرى مجرى ذلك. ولا شك أن هذه الأشياء مما يستخبثه الطبع العربي السليم. وكانت جماعة من العلماء منهم الإمام الشافعي (رحمه الله) يقول: دلَّ قوله: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} أن كل ما استخبثه الطبع العربي السليم الذي لم يتضرر بالجوع- لأن مَنْ آذاه الجوع جِدًّا قد يستطيب الخبيث لشدة جوعه كما قال بعض شعراء العرب (¬1):
¬_________
(¬1) البيت في اللسان (مادة: ربا) (1/ 1117)، وفي القرطبي (7/ 120)، وشطره الثاني في اللسان هكذا: «غريبًا بأرض يأكل الحشرات». وفي القرطبي: «غريبًا لديكم ... ».

الصفحة 210