كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

عليهم} (¬1) فالآصار جمع إصر (فِعْل) مجموع على (أَفْعَال) والإصر في اللغة العربية التي نزل بها القرآن: الثقل الذي كان من التكليف على من قبلهم؛ لأنَّ مَنْ قَبْلَنَا كانت عليهم من التكليف آصارٌ وأغلال. الآصار: الأثقال التي تثقل صاحبها (¬2)، منها ما قدمنا أن توبة الذين عبدوا العجل لم يقبلها الله إلا بتقديمهم أنفسهم للموت، فهذا ثقلٌ عظيم؛ لأنه لا حادث في الدنيا أعظم من الموت.
والمَوتُ أعظَمُ حادثٍ ... فيما يمرُّ على الجِبِلَّهْ (¬3)

فرفع هذا الثقل عن هذه الأمة صلى الله على نبيّها، فصار مَنِ ارْتَكَبَ أعظم كفر وأشنع ذنب يكفيه أن يتوب إلى الله، وأن يُقلع عن الذنب، ويندم على ارتكابه، وينوي ألا يعود، فيتوب عليه ربه بذلك، فهذا من رفع الآصار. والإصر: هو الثقل المعروف، ومنه قول الشاعر (¬4):
.......................... ... وحَامِل الإِصْرِ عَنْهُمْ بَعْدَمَا غَرِقُوا
وقوله: {وَالأَغْلاَلَ} الأغلال جمع غُل، والغُلّ هو القيد المعروف؛ لأن التكاليف القوية الشديدة كأنها أغلال يُغَلُّون بها، مثل
¬_________
(¬1) انظر المبسوط لابن مهران ص215.
(¬2) انظر: ابن جرير (13/ 166)، القرطبي (7/ 300)، المفردات (مادة: أصر) ص 78.
(¬3) البيت في المحرر الوجيز (12/ 78)، القرطبي (13/ 136)، البحر المحيط (7/ 30)، الدر المصون (8/ 550).
(¬4) هذا هو الشطر الثاني من بيت للنابغة الذبياني، وهو في ديوانه ص 162، وشطره الأول:
يَا مَانِعَ الضَّيْمِ أَنْ يَغْشَى سَرَاتَهُمُ ... ......................................

الصفحة 212