كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
قال بعض العلماء: {وَعَزَّرُوهُ} أي: مدحوه وأثنوا عليه ثناءً عظيمًا.
قال بعض العلماء: {وَعَزَّرُوهُ} أي: منعوه من أن يناله أحدٌ بسوء، حتى لا يقوى أحدٌ على أن يصل إليه، ولا يؤذيه بأذيَّةٍ ما. والمعاني في التعزير تدور حول هذا؛ لأن أصله يُشعر بالتعظيم، وهذا معنى قوله: {وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ}.
{وَنَصَرُوهُ} النصر في لغة العرب: إعانة المظلوم، أي: أعانوه على أعدائه الذين ظلموه وكذبوه، وكل من كذبه فهو ظالمٌ له، وهذا معنى قوله: {وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ}.
{وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ} النور الذي أُنزل معه صلى الله عليه وسلم هو هذا القرآن العظيم؛ لأنه النور الذي أنزله الله من السماء يبصر الناس ببصائرهم في ضوئه الحق حقًّا، والباطل باطلاً، والحسن حسنًا، والقبيح قبيحًا، فهو أعظم نور يُكشفُ به ظلمات الباطل ويُرى في ضوئه الحق واقعًا كما ينبغي. وقد سماه اللهُ نورًا في آياتٍ كثيرة كقوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا} [التغابن: آية 8] وقوله: {وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ} [الشورى: آية 52] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا (174)} [النساء: آية 174] فهذا النور العظيم لمّا صرح الله في آياتٍ كثيرةٍ من كتابه أنه نوره الذي أنزله مع سيد الخلق (صلوات الله وسلامه عليه) ليكشف به ظلمات الجهل والباطل كان على المؤمن ألا يطلب الضوء إلا في نوره، ولا يطلب الهدى إلا منه، فالذين يتركون هذا النور ويطلبون الهدى في الظلام الذي جاءت به الكفرة الفجرة دليل على أنهم خفافيش