كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

وقوله: {جَمِيعًا} يُعرب حالاً، ويُفسر بأنه توكيد، أي: إني رسول الله إليكم في حال كونكم جميعًا مجتمعين لم يتخلف منكم أحد {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}.
{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} قال بعض العلماء: هو في محل خَفْضٍ نعتٌ لله، إني رسول الله الذي. وهذا على هذا القول لم يمنع من تبعيته له الفصل بينهما بقوله: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}.
وقال بعض العلماء: الفصل بينهما بقوله: {إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} يمنع من الإتباع و {الَّذِي} في محل نصب منصوبًا على المدح، أو محل رفع خبر مبتدأ محذوف، كما لا يخفى، وهذا معنى قوله: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} هذا الذي جئتكم مرسلاً منه ينبغي أن يُهاب، وأن يُخاف منه، وأن تُحترم رسله، وتُطاع أوامره، وتجتنب نواهيه لشدةِ عظمته، وشدة الخوف من بأسه، وشدة الرغبة فيما عنده، فلا ينبغي أن يُعصى، فهذا الذي أرسلني؛ لأن هذه صفاته {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} هو ملك السماوات والأرض وهو المعبود وحده.
{لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أي: لا معبود يُعبدُ بحق لا في السماء ولا في الأرض ولا في غيرهما إلا هو وحده جل وعلا.
{يُحْيِي وَيُمِيتُ} هو الذي يحييكم ويميتكم. والكفار كانوا يقرون بإماتتين وإحياءة وينكرون إحياءة، ويوم القيامة أقروا بالإحياءتين والإماتتين فقالوا: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا} [غافر: آية 11] فالإماتتان: الأولى منهما: هي أطوارك أيها

الصفحة 219