كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
{وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: آية 158] أمر الله هذه الأمة أن تتبع سيد الخلق (صلوات الله وسلامه عليه) ومعنى اتباعه: هو الاقتداء به فيما جاء به من عقائد وأفعالٍ وأقوال، هذا هو معنى الاتباع. {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي: لأجل أن تهتدوا، أو على رجائكم الهداية باتباعه صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى قوله: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
{وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ} [الأعراف: آية 159] بيّن الله أن قوم موسى -وهم بنو إسرائيل- منهم قوم {يَهْدُونَ بِالْحَقِّ} وهو كتاب الله الذي أنزله على نبيه، يهدون بما فيه من الحق، يأمرون الناس فيه بالخير الذي يرضي الله جل وعلا {وَبِهِ} أي: بذلك الحق الذي هو ضد الباطل {يَعْدِلُونَ} من العدل الذي هو ضد الجور. جرت عادة المفسرين بعضهم يذكر عند هذه الآية الكريمة من سورة الأعراف قصةً غريبةً معروفة عن بعض بني إسرائيل الله أعلم بها (¬1)، يزعمون أن طائفة من بني إسرائيل آمنوا وثبتوا وأطاعوا الله تمامًا، ولم ينجرفوا مع الذين غَيَّرُوا وبَدَّلُوا وكفروا وعصوا، وسألوا الله أن يثبتهم على ما هم فيه، وأن الله شق لهم نفقًا من الأرض، وأنهم مشوا في ذلك النفق أكثر من سنة، وأنهم خرجوا من وراء بلاد الصين، وأنهم كانوا هناك في بلاد شاسعة وراء بلاد الصين، وأنهم على إيمانهم، يزعمون كثيرًا هذا، ويذكره جماعة منهم عند هذه الآية من سورة الأعراف، والله أعلم بذلك.
وظاهر القرآن: أن الله أثْنَى على قوم موسى أن منهم أمة يأمرون
¬_________
(¬1) وهي في ابن جرير (13/ 173).