كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

الطارئة، فالرسول على هذا تارة في القرآن يلاحظ فيه أصله الذي هو المصدر، وتارة يُلاحظ فيه الوصفية العارضة التي جُعل بمعناها. وإيضاح هذا: أن الرسول على أن أصله مصدر يُفرد عند حالة التثنية والجمع، تقول: هذان رسول، وهؤلاء رسول. وربما جُمع الرسول نظرًا إلى الوصفية وتناسيًا لأصل المصدرية، فَمِن جَمْع الرسول اعتبارًا بالوصفية: {تِلْكَ الرُّسُلُ} [البقرة: آية 253] {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ} [النساء: آية 165] ومن تثنيته: قوله في سورة طه: {إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [طه: آية 47] فقد ثَنَّى الرسول اعتبارًا بوصفيته، وفي سورة الشعراء أفرد الرسول مع أن المراد به اثنان؛ نظرًا إلى أصله الذي هو المصدر، وذلك في قوله: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: آية 16] ولم يقل: إنا رسولا، فنطقت العرب بلفظ الرسول مفردًا مرادًا به الجمع، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي (¬1):
أَلِكْنِي إِلَيْها وَخَيْرُ الرَّسُول ... أَعْلَمُهُم بِنَواحي الخَبَر
فجمع الضمير في قوله: «أعلمهم» وهو عائد إلى الرسول المفرد نظرًا إلى أصل مصدريته. والرسول مسموع في كلام العرب بمعنى المصدر، ومنه قول الشاعر (¬2):
لَقَد كَذَبَ الواشُونَ ما فُهْتُ عِنْدَهُمْ ... بِقَوْلٍ وَلاَ أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ

أي: برسالة. وقول الآخر (¬3):
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (50) من سورة الأنعام.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (130) من سورة الأنعام.
(¬3) مضى عند تفسير الآية (78) من سورة البقرة.

الصفحة 226