كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
لغة العرب: بمعنى المعبود، والإلهة: العبادة. وتألّهَ: إذا تَعَبَّدَ، فالإله (فِعَال) بمعنى: (مَفْعُول) بمعنى: مألوه؛ أي: معبود على سبيل المحبَّة والخوف والتعظيم. وإتيان (الفِعَال) بمعنى (المفعول) مسموع في أوزان من لغة العرب، وليس قياسيًّا فيها، فمنه: الكتاب بمعنى المكتوب، واللباس بمعنى الملبوس، والإله بمعنى المألوه. أي: المعبود. والإمام بمعنى المُؤتم به، في أوزان قليلة. والعرب تُسمِّي التألُّه تعبدًا، والإلاهة عبادة. وفي قراءة ابن عباس (¬1) -وإن كانت شاذة-: {وَيَذَرَكَ وَإِلاَهَتَكَ} وفي رجز رُؤْبَة (¬2):
للهِ دَرُّ الغَانِيَاتِ المُدَّهِ ... سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَأَلُّهِي
أي: لا معبود يُعبد بالحق إلا ملك السماوات والأرض (جل وعلا)، الذي يحيي ويميت، الذي أرسلني إليكم فأنا مرسل ممن هو جدير بأن يُطاع ولا يُسْتَهْزَأ بأوامره ونَواهِيهِ. وهذا معنى قوله: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ} يحيي من شاء أن يحييه، ويميت من شاء أن يميته، فحذف المفعول للتَّعْمِيم.
وهذا الإحياء والإماتة تدخل فيه الإماتتان والإحياءتان دخولاً أوليًّا المذكورتان في سورة المؤمن -سورة غافر- في قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: آية 11] وهاتان الإماتتان والإحياءتان اختلف فيهما العلماء (¬3)، والتحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه: أن الإماتة الأولى هو كونهم في بطون
¬_________
(¬1) مضت عند تفسير الآية (59) من هذه السورة.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (85) من هذه السورة.
(¬3) انظر: القرطبي (15/ 297)، ابن كثير (4/ 73).