كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
نافع (¬1): {إنما النَّسِيُّ زيادة في الكفر} [التوبة: آية 37] بإدغام الياء في الياء، والأصل: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} كقراءة الجمهور. وعلى هذا فمعنى القراءتين واحد.
وقال قوم: النبي على قراءة الجمهور مشتق من النَّبْوَة وهي الارتفاع، والعرب تسمي المرتفع من الأرض نبيًا، ومنه قوله (¬2):
لأَصبَحَ رتْمًا دُقاقُ الحَصَى ... مَكَانَ النَّبِيِّ مِنَ الْكَاثِبِ
النبي: يعني به رملاً مرتفعًا. هكذا قاله العلماء (¬3). وهذا معنى قوله: {فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} هذه صفاته صلى الله عليه وسلم. وقد أجرى الله العادة أنه يصف المرسلين والملائكة بما يصف به مطلق عوام المؤمنين؛ لأن قوله: {الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} كل عامي من المسلمين يؤمن بالله، وقد وصف نبيه صلى الله عليه وسلم بصفة يتصف بها جميع المسلمين، وذلك للإيذان بشرف الإيمان بالله وكلماته وعِظَمِه كما قال جل وعلا: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} وصفهم بالإيمان ووصف المسلمين بالإيمان {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: آية 7] وبين أن ذلك الإيمان الذي اتصف به حملة العرش وأهل الأرض من بني آدم صار الرابطة العظمى بينهم التي عطفت قلوبهم عليهم من فوق سبع
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (112) من سورة الأنعام.
(¬2) البيت لأوس بن حجر، وهو في ديوانه ص10 - 11، اللسان (مادة: كثب) (3/ 223)، الدر المصون (1/ 402).
(¬3) قال في اللسان (مادة: كثب 3/ 223)، معقبًا على هذا البيت: «يريد بالنبي: ما نبا من الحصى إذا دُق فندر. والكاثب: الجامع لما ندر منه. ويقال: هما موضعان» اهـ.