كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

تنفذ كلماته (جل وعلا). والكلام صفته الأزلية التي لم يتجرد عنها يومًا ما، فهو (جل وعلا) متصف بكلامه الأزلي الذي لم يتجرد عنه يومًا ما، وفي كل يوم يتكلم بما شاء كيف شاء على الوجه اللائق بكماله وجلاله سبحانه (جل وعلا) ما أعظم شأنه.
وقوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ} الضمير المنصوب في قوله: {وَاتَّبِعُوهُ} لهذا النبي الأمي (صلوات الله وسلامه عليه) أمر الله باتباعه؛ لأن اتباعه هو عين طاعة الله جل وعلا {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: آية 80] {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: آية 31].
وقوله: {لعلكم تهتدون} أشهر معاني (لعل) في القرآن عند المفسرين معنيان (¬1):
أحدهما: أنها لمعنى التعليل، وهو الأنسب هنا. قال بعض علماء العربية: كل (لعل) في القرآن فهي للتعليل إلا التي في سورة الشعراء: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)} [الشعراء: آية 129] قالوا: هي بمعنى: كأنكم تخلدون. وإتيان (لعل) بمعنى التعليل صحيح معروف في كلام العرب، ومنه قول الشاعر (¬2):
فقلتُم لنا كُفُّوا الحُروبَ لعلَّنَا ... نكُفُّ ووثَّقْتُم لنا كُل موثقِ

«كفوا الحروب لعلنا نكف» أي: كفوا لأجل أن نكف.
¬_________
(¬1) راجع ما سبق عند تفسير الآية (52) من سورة البقرة.
(¬2) السابق.

الصفحة 240