كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

لفظه، وُضع للذكور دون الإناث، وربما دخلت الإناث فيه بحكم التَّبَع (¬1)، والدليل على أنَّ لَفْظَ القوم يختص بالوضع بالذكور دون الإناث قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ} ثم قال: {وَلاَ نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ} فلو دخل النساء في اسم القوم لما كان لقوله: {وَلاَ نِسَاء مِّن نِّسَاء} [الحجرات: آية 11] فائدة، وهذا معروف في كلام العرب، ومنه قول زهير بن أبي سلمى (¬2):
وَمَا أَدْرِي وَسَوْفَ إِخَالُ أَدْري ... أَقَوْمٌ آلُ حِصْنِ أَمْ نِسَاءُ

فدل على أن العَرَبَ تخص به الذكور، والدليل من القرآن على أن النَّسَاء رُبَّمَا دَخَلْنَ في اسم القوم بحكم التبع: قوله تعالى في ملكة اليمن: {وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)} [النمل: آية 43].
وقوله: {أُمَّةٌ} مبتدأ سوَّغ الابتداء به وهو نكرة اعتماده على المجرور قبله. والأمة: الطائفة الكثيرة المتفقة في دين ونحوه، وقد جاء في القرآن العظيم إطلاق الأمة على أربعة معان كلها صحيح موجود في كتاب الله (¬3)، ومنه إطلاق الأمة على الطائفة المتفقة في دين ونحوه، وهذا أكثر إطلاقات الأمة، كقوله هنا: {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ} {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: آية 213] ونحو ذلك من الآيات.
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (80) من سورة الأنعام.
(¬2) السابق.
(¬3) مضى عند تفسير الآية (42) من سورة الأنعام.

الصفحة 242