كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

المتجافية عن طرفي الإفراط والتفريط. فالعدالة: المشي على الصواب وطريق القصد المتجافي عن طرف الإفراط والتفريط.
وهذه الآية الكريمة دلت على أنَّ مِنْ قَوْمِ مُوسَى أمة طيبة، على الحق، وهذا المعنى جاء مُصرَّحًا بِهِ في آيات كثيرة كقوله تعالى: {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)} [آل عمران: الآيتان 113، 114] وكقوله جل وعلا: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لله لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)} [آل عمران: آية 199] وكقوله تعالى: {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا ... } الآية [الإسراء: الآيتان 107، 108] وكقوله: {يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ} [الرعد: آية 36] في أهل الكتاب الذين يفرحون بما أنزل إليه صلى الله عليه وسلم، وقد بيّن القرآن أن هذه الطائفة من أهل الكتاب -التي كانت متمسكة بشريعة موسى وبما في التوراة إذا كانت على ذلك حتى آمنت بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم- أنها تُؤتى أجرها مرتين، أجر إيمانها الأول بموسى وكتابه، وإيمانها بمحمد وكتابه، نص الله على هذا في سورة القصص في قوله: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} الآية [القصص: الآيات 51 - 54].
وهذا معنى قوله: {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ

الصفحة 244