كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)
كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160)} [الأعراف: آية 160].
{وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا}، الضمير في {وَقَطَّعْنَاهُمُ} عائد إلى قوم موسى، فقوله: {وَقَطَّعْنَاهُمُ} فيه وجهان معروفان من التفسير، وبحسبهما يكون القولان في إعراب قوله: {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ} (¬1) قال بعض العلماء: {وَقَطَّعْنَاهُمُ} أي: صَيَّرْنَاهم قطعًا. وعلى هذا فقطعنا تطلب مفعولين لتضمينها معنى (صيرنا)، ومفعولها الأول: هو الضمير {وَقَطَّعْنَاهُمُ}، ومفعولها الثاني: {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ} أي: صيرناهم اثنتي عشرة فرقة.
وقال بعض العلماء: {وَقَطَّعْنَاهُمُ} معناه: فرقناهم وميزنا بعضهم عن بعض؛ لأنهم أبناء اثني عشر رجلاً، وكل رجل صار من نسله قبيلة، والسبط في أولاد إسحاق بمعنى القبائل في أولاد إسماعيل، ويعقوب (عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام) كان له اثنا عشر ابنًا كل ابن منهم وُلد له نسل، فصار كل ابن منهم قبيلة، والقبائل عندهم تسمى (أسباطًا) (¬2). والمفسرون يذكرون أسماء هؤلاء الأسباط الذين تَفَرَّعَتْ منهم القبائل (¬3)، وذِكْرُها إنما هو عن طريق الإسرائيليات؛ ولذا اختلفوا فيها، فمنهم من يقول: هم روبيل، وشمعون، ويهوذا، وربالون، ويشجر، ودان، ونفتالي، وجاد، وآشر، ويوسف، وشقيقه بنيامين. ومنهم من يذكر غير
¬_________
(¬1) انظر: الدر المصون (5/ 484).
(¬2) انظر: القرطبي (2/ 141).
(¬3) انظر: ابن جرير (2/ 121).