كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

ذلك (¬1)، ولا طريق صحيحة تثبت ذلك، إلا أن الأظهر أن هؤلاء الاثنتي عشرة أن كل واحدة منهم من سبط من أولاد يعقوب كما تقدم في قوله: {وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [المائدة: آية 12] لأن كل سبط من هذه الأسباط بعث الله موسى فيه نقيبًا سيدًا يتفقد شؤونه وأحواله؛ لتكون تلك الرجال الاثني عشر يُطلعون موسى على سرائر قومهم فيهون عليه الإصلاح من شؤونهم؛ ولذا قال هنا: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} [الأعراف: آية 160] فعلى أن (قطعنا) بمعنى (صيرنا) فـ (اثنتى عشرة) هو المفعول الثاني، وعلى أن (قطعنا) بمعنى (ميزنا) بعضهم عن بعض، وفرقنا بعضهم عن بعض؛ لنجعل على كل فرقة منهم نقيبًا، فقوله هنا: {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ} هي حال جامدة مؤولة، أي: ميزناهم وفرقناهم في حال كونهم بالغين هذا العدد الذي هو اثنتي عشرة، واختلف العلماء في مميز {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ} (¬2)
وظاهر القرآن أن مميزه {أَسْبَاطًا} ولكن المعروف في لغة العرب أن العدد كله من الثلاثة إلى العشرة يميز بالجمع مضافًا إليه العدد، أما غيره من الأعداد فإنه يميز بالمفرد التمييز المطابق للعربية المعروفة لو قيل: قطعناهم اثنتي عشرة سبطًا. وذهب بعض العلماء في الجواب عن هذا إلى أن الأسباط هنا جمع سبط مضمَّن معنى القبيلة، وأن الأسباط: القبيلة تكون فيها أسباط كثيرة، وعليه فالمعنى: قطعناهم اثنتي عشرة قبيلة. فالأسباط بمعنى القبيلة. وهذا مردود لما ذكرنا من أن الأسباط
¬_________
(¬1) انظر: تاريخ الطبري (1/ 163)، التفسير له (3/ 111 - 113)، القرطبي (9/ 130)، البداية والنهاية (1/ 195). والذين ذكرهم الشيخ (رحمه الله) أحد عشر. والثاني عشر هو: (لاوي) على اختلاف في ضبط أسمائهم.
(¬2) انظر: الدر المصون (5/ 484) ..

الصفحة 249