كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 4)

السلام) وهو الذي فتح الله على يديه كما سيأتي هنا وتقدم في سورة البقرة. ولما كان بنو إسرائيل في التيه هذه الأربعين سنة أصابهم العَطَشُ وشَكَوْا إلى موسى فأوْحَى الله إليه أن اضرب بعصاك الحجر، فضَرَبَهُ فانبجست منه اثنتا عشرة عينًا. وشكوا له مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فظلل الله عليهم الغمام يقيهم حر الشمس، وشكوا له من الجوع فأنزل الله عليهم المن والسلوى كما تقدم في سورة البقرة (¬1) وكما هو مذكور هنا في سورة الأعراف.
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ} [الأعراف: آية 160] أوحى الله إلى نبيه موسى حين استسقاه قومه. الإيحاء في لغة العرب: هو كل إلقاء بشيء في سرعة وخفاء فهو إيحاء. فهذا معناه اللغوي، والوحي له معنى لغوي ومعنى شرعي كغيره من المعاني (¬2). فالوحي الشرعي معروف، وهو: ما يوحي الله لنبيه بواسطة الملك مثلاً، وربما أوحى إلى النبي بغير واسطة كما أعطى نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة، فظاهر حديث ابن مسعود عند مسلم أنه من غير واسطة الملك (¬3). وقد يكون الوحي بواسطة الملك وهو على أنحاء كثيرة معروفة. وأصل الإيحاء في لغة
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (58) من سورة البقرة.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (112) من سورة الأنعام.
(¬3) أخرجه مسلم في الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى. حديث رقم: (173)، (1/ 157). ولفظه: «لما أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتُهي به إلى سدرة المنتهى -إلى قوله- قال: فأُعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا: أُعطي الصلوات الخمس، وأُعطي خواتيم سورة البقرة وغُفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئًا المُقْحِمَات».

الصفحة 251